الخادم داخل الاسرة
صفحة 1 من اصل 1
الخادم داخل الاسرة
وضع خاطىء
العجيب أن كثيراً من الخدام عندهم إزدواج في الشخصية :
فهم في محيط الخدمة بطريقة ، و داخل الأسرة بطريقة أخرى عكسية
في مدارس الأحد : ملاك طاهر ، إنسان لطيف ، بألفاظ كلها إتضاع ورقة ، كأن يقول " صلوا من أجلي ، أنا الخاطئ ، أنا الضعيف ، غير المستحق " ... أما داخل الأسرة ، فهذا الخاطئ غير المستحق يبدو علي حقيقته ، الغضب و العنف ، و ربما الإنتهار و الشتيمة و الضرب ....! لذلك فالشخص الذي يرشح للكهنوت من الخدام ، لا تكفي فكرة زملائه الخدام عنه ، إنما أيضاً رأي أفراد اسرته فيه ... ربما يحاول أن يكون قدوة خارج الأسرة ، و لكنه في أسرته غير ذلك . قد يفتقد و يخدم الكثيرين خارج الأسرة . و لكن لا خدمة له داخل أسرته .
و أحياناً يخدم داخل أسرته ، فيتحول إلي رقيب علي كل أحد ، عنيف في رقابته ، معلم و مؤدب ، يأمر و ينهي ، بطريقة تنفر من الدين .
أتذكر خادماً أيامنا، رأي عند أخته في البيت أدوات مكياج ، فثار عليها ، و شتمها و صفعها علي وجهها ، وألقي بأدوات المكياج من البلكون !! فهل هذا اسلوب روحي في الخدمة ؟! و هل هذه طريقة تجعل اخته تحب التدين ، أو تحترم خدام الكنيسة ... بل لا مانع عند مثل هذا ( الخادم ) من أن ينتهر أباه و أمه ، إن كان تصرف أحدهما لا يعجبه .
فهو إما انه لا يخدم الأسرة ن أو يخدم بكبرياء و عنف .
و قد ينطوي علي نفسه داخل أسرته ، و يشكو من أنه يعثر من الأسرة ، و أنه علي يعثر من الأسرة ، و أنه علي خلاف بينهم في كل المبادئ الروحية . و قد يحدث أن أسرته تمنعه من الخدمة و من الكنيسة ، لأنها تري أن ( تدينه ) قد حوله إلي الصلف و إلي العنف ، و البعد عن المحبة و اللطف ز أو تري أنه قد أهمل دروسه و واجباته بحجة الخدمة و مواعيدها و متطلباته ... بل أن أسرته هي التي تعثر منه و من تصرفاته ! هنا و نسأل – من الناحية الإيجابية – عن كيفية الخدمة داخل الأسرة ...
كيف يخدم
1- بالتعاون مع أهل البيت :
هناك خادم يعطي درساً عن السامري الصالح في مدارس الأحد . و لكنه لا يكون سامرياً صالحاً في بيته . إن الدين ليس مجرد معلومات تلقي علي الناس ، إنما هي حياة نحياها... لذلك كن خدوماً و متعاوناً في البيت . تدخل البيت ، فلا تجد والدتك قد انتهت من تجهيز الطعام بعد ... فلا تغضب و لا تلقي محاضرة في حفظ المواعيد ، إنما أدخل و ساعدها في تجهيزه ، كن معها أيضاً في إعداد المائدة . و إن إنتهيت من تناول طعامك ، فلا تتركهم يحملون بقاياك و يغسلون أطباقك . و إنما اشترك في ذلك . هل الأمر يكلفك بضع دقائق ؟ إنها شئ بسيط تساهم به في مساعدة والدتك و أخواتك . بل تنال بركة دعاء الوالدة و محبتها لك لأنك تساعدها و لا تتركها وحدها .
بعض (الخدام ) لا يكتفون بعدم تعاونهم في خدمة البيت ، بل يحملون أهل البيت ثقلاً في خدمتهم .
يستيقظون من النوم ، و يخرجون إلي العمل ، و يتركون كل شئ مبعثراً في حجرتهم ، لمن يتولي عنهم ترتيبه ! لماذا لا ترتب فراشك حالما تستيقظ من نومك ؟ و لماذا لا ترتب ملابسك و مكتبك قبل أن تخرج من البيت . لماذا تعتبر أن الخدمة هي فقط تحضير الدروس و إلقاؤها . ألست الخدمة هي أيضاً التعاون مع أهل البيت ؟
لماذا لا تتعاون مع أخوتك الصغار في أن تشرح لهم دروسهم .
أو تساعدهم في ما يحتاجون إليه . و هكذا يحبونك و يتعلقون بك .و بهذا الحب يمكنك أن تفيدهم روحياً . لماذا لا تتعلم بعض الهوايات التي تستطيع بها أن تصلح بعض الآلات الكهربية في البيت أو ما يشابهها ، فتساعدهم اقتصاديا بدلاً من إنفاقهم علي ذلك ؟
2- نقطة أخري في خدمتك للبيت هي البشاشة و المحبة .
كن في بيتك بشوشاً ، تشيع جواً من البهجة و الفرح في البيت ، و تجعل الكل يحبونك ، و بخاصة الصغار ، بوجهك البشوش الحلو ،و بابتسامتك اللطيفة ،و ما تقصه علي أخوتك من حكايات و ألغاز ، بمرحك و لطفك ... و لا تكن مثل أولئك الذين لا يحفظون من بستان الرهبان غير عبارة " ادخل إلي قلايتك و ابك علي خطاياك " ، و لا يحفظون من الكتاب المقدس سوي قول الحكيم " بكاَبة الوجه يصلح القلب " ( جا 7 : 3 ) .و هؤلاء يكتفون فقط بحياة التجهم و الكاَبة و التزمت و البكاء ، بل يريدون أن يكون كل أهل البيت مثلهم مكتئبين !!
و يشيعون أن الضحك خطية ! و يلومون كل من يضحك !
و إن ضحك أهل البيت ن يعتبرون هذا منهم إنحلالاً !! و ينسون قول الكتاب " و للضحك وقت " ( جا 3 : 4 ) ، و قول الكتاب " افرحوا في الرب كل حين ، و أقول ايضا افرحوا " ( في 4 : 4 ) . و إن من ثمار الروح " محبة فرح سلام " ( غل 5 : 22 ) . إن القديس أرسانيوس أشتهر بالدموع ، و لكنه أمام الناس كان بشوشاً . فلا تجعل أهل بيتك يتصورون أن كل من يدخل في الحياة الدينية ، تتحول حياته إلي كاَبة ، لئلا يخافوا من التدين بسببك !! بل إعطهم فكرة عن البشاشة الروحية و سلام القلب !!
3-نقطة ثالثة في خدمتك للأسرة هي إحترامك للكل .
احترس من أن يكبر قلبك بسبب تدينك ن فتحتقر الآخرين أو تدينهم ، أو أن تكلمهم من فوق ...! لأن كثيرين حينما دخلوا إلي محيط الخدمة ، وضعوا في ذهنهم لافتة مكتوب عليها " عظ ، وبخ ، انتهر " ( 2 تي 4 : 2 ) . و بهذا الإنتهار أصبح أهل البيت يحترسون من ألفاظهم القاسية ،و تعبيراتهم الخالية من الإحترام بالنسبة إلي الكبير و الصغير . و ينسون أن هذه العبارة قد ارسلها القديس بولس الرسول إلي تلميذه تيموثاوس الأسقف ، و ذكر له الأسلوب " بكل أناة و تعليم "(2 تي 4 : 2 ).
فهل أنت تقيم نفسك اسقفاً للبيت ، أم أنت مجرد خادماً ؟
و حتي الأسقف لا يكون دائم التوبيخ ، بل قيل له بالنسبة إلي الكبار " لا تنتهر شيخاً ، بل عظه كأب ، و العجائز كأمهات ، و الأحداث كأخوة .." ( 1 تي 5 : 1 ) بل قيل عن الأسقف ايضاً أنه يكون محتشماً حليماً غير مخاصم (1تي 3 : 2 ، 3 ) و لا يكون غضوباً ( تي 1 : 7 ) ...
فلا تجعل محبة الخدمة تخرجك عن فضيلة الأدب و إحترام الغير .
و الرسالة الروحية التي تريد أن تنقلها إلي الآخرين ، قدمها لهم بكل محبة و لطف و إحترام ، و في عفة اللسان ، و بتواضع القلب ... حتي أخوتك الصغار ، إن طلبت منهم طلباً ،و قلت للواحد منهم " عن إذنك .. لو تسمح .. ممكن كذا " .. هو نفسه سيتعلم منك هذا الأسلوب الرقيق ،و يستخدمه في حديثه مع غيره ، و بهذا تكون قد خدمته عن طريق القدوة العملية .
حاول في خدمتك العائلية أن لا تجرح شعور أحد .
و لا تتكلم بكلمة تجرح شعور إنسان . بل إحترم الكل ، فيحترمونك و يتعلموا منك إحترام غيرهم ، و يتعلموا أيضاً اللطف في الحديث ،و ادب التخاطب ، و النصح الهادئ .و إن كانت هناك نصيحة تقدمها لأبيك أو أمك ، أو من في مستواهما ، فاحرص جيداً ألا تتكلم كمعلم ..! احتفظ بتوقير من هو أكبر منك سناً أو مقاماً .
4- يمكنك – بالنسبة إلي الكبار – أن تقدم التعليم غير المباشر .
كأن تحكي قصة هادفة من قصص الآباء ، أو تأملاً في اَية معينة دون أن توجهها إلي أحد معين ، أو خبرة لحكيم ، أو فكاهة لطيفة تؤدي نفس الغرض ، مع حذف كل عبارة موجعة يتصادف وجودها في ما تقصه من القصص . و احذر من أن تجلس إلي أبيك و تقول له " أريد يا بابا أني أكلمك كلمتين من أجل خلاص نفسك ؟ ... كما لو كان خلاص نفسه في خطر ، أو كان هالكاً يحتاج إليك أن تنقذه ... بل يمكن أن تحكي قصة لأخوتك الصغار ، و يسمعها أبوك عفواً أو قصداً ...
5- يجب في خدمتك العائلية أن تتصف بالتواضع و الحكمة .
لا شك أن الحكمة تعلمك التواضع ، و تعلمك الأسلوب المهذب الذي تتكلم به . و لا تظن أنك لكي تصلح الكبار تتجرأ عليهم ، أو لكي تصلح الصغار تتسلط عليهم . و لا تستخدم أسلوباً – فيما تحاول به أن تخلص غيرك – تهلك نفسك . كن صغيراً باستمرار في محيط أسرتك . لا تشعرهم فيما تقدمه من نصائح ، أنك أصبحت أوسع منهم فكراً ، و أكثر معرفة ، أو أنك أكثر منهم روحانية ، و أنفي منهم قلباً ... !
إنك بهذا الأسلوب المتعالي ، تخسر صداقتهم ، و تخسر نفسك .
ماذا تستفيد إن كانت طريقتك في الخدمة قد علمتك السيطرة ،و عودتك علي الغضب و الإنتهار و قساوة القلب ، و أوجدت حاجزاً بينك و بين قلوب الأخرين ؟! تعلم إذن البشاشة و اللطف ، قبل أن تبدأ أية خدمة . و أعرف أن كل نفس حساسة ،و عليك إذن أن تراعي حساسيتها في خدمتك لها .
6- اعرف أن عملك هو الإقناع و ليس الإرغام .
أنت مجرد شاهد للحق ، كما أمرنا الرب قائلاً " تكونون لي شهوداً "(أع 1 :8 ) . أما أن ترغم أهلك و أخوتك علي السلوك السليم ، فليس هذا هو عملك . بل إن الله نفسه قال للشعب " أنظر قد جعلت اليوم قدامك الحياة و الخير ،والموت و الشر .. قد جعلت قدامك الحياة و الموت ، البركة و اللعنة ، فاختر الحياة كي تحيا " (تث 30 : 15 ، 19 ) ،فإن أقنعتهم بالخير ،وفعلوه باختيارهم ، ينالون أجرهم علي ذلك . أما إن فعلوا الخير إضطراراً بضغط منك ، و بدون إقتناع ، فأي أجر ينالونه ؟!
لا تظن خدمتك أن تنصح ، و ترغم ، و يتوبخ ، و تهدد ،و تعاقب .
ليس هذا هو اسلوب خدمة تنخذه مع أخوتك الصغار او أخواتك ، أو مع الكبار بأسلوب اقل . و الإ فسوف تقول الأسرة عنك " ليته ما دخل في محيط الخدمة . لقد كان قبل ذلك أكثر لطفاً و حباً و إحتراماً لغيره ... في خدمتك لا تفقد أحداً حريته ، إنما ساعده أن تتجه حريته نحو الخير ز ساعد أفراد أسرتك أن يحبوا الله . و إن أحبوه سوف يحبون الخير ، و سوف يفعلون الخير تلقائياً ، دون إرغام ، و دون توبيخ .و ستكون إرادتهم قد تظهرت ...
7- و في خدمتك احترس من الحرفية في التعليم .
لا تكن فريسياً في تعليمك ، سواء في داخل البيت أو خارجه . و نذكر بهذه المناسبة موقفك من وسائل الترفيه في داخل الأسرة أو في خارجها . لا موقفاً حرفياً يكون سبب نكد و عكننة علي الأسرة كلها ،و لا موقفاً متسيباً لا قدوة فيه و لا ضوابط . إنما تصرف فحكمة ، بخط واضح سليم بين الخير و الشر ، بحيث تكون مقنعاً ، لا متطرفاً في رأيك ، و لا مستبداً بفكرك بدون إقناع .
من حقهم أن يكون لهم ترفيه . و من واجبهم أن هذا الترفيه يكون نقياً بلا خطأ .
لا تعاملهم كرهبان أو نساك زاهدين . و ايضاً نبههم إلي مواضع الخطأ ن بحكمة و باستمرار اعط صورة مشرقة عن تدينك . لا تقدم لهم الدين كدواء مر يجب عليهم أن يشربوه لكي يشفوا و يصحوا ، إنما قدمه كمتعة روحية لهم . و لا مانع من أن يتدرجوا في ذلك . كما فعل الآباء الرسل مع الداخلين في الإيمان من الأمم ( أع 15 : 28 ، 29 ) . و كما قال القديس بولس الرسول لأهل كورنثوس " سقيتكم لبنا لا طعاما ، لأنكم لم تكونوا بعد تستطيعون " ( 1 كو 3 : 2 ) .
8- قدم لهم في خدمتك ، أنموذجاً بنجاحك في حياتك .
سواء في حياتك الدراسية بتفوقك الذي تفرح به اسرتك ، أو في حياتك الإجتماعية بكونك موضع محبة و ثقة الآخرين ن أو في حياتك الروحية بكونك بلا لوم ، لا يمسك عليك أحد خطأ ، أو في حياتك العملية بصفة عامة . إن رأوك هكذا مثالاً طيباً ، يحترمون حياتك ، و بالتالي يحترمون أيضاً أسلوبك و مبادئك ، فيتخذونك قدوة لهم ز و هكذا تكون قد جذبتهم عملياً غلي طريق الرب الذي احبوه في حياتك . تحبك أسرتك ،و تفتخر بك ،و تقبل كلامك إن تحدثت عن الله . و إن دعوتهم إلي الكنيسة ، يذهبون معك . بل قد تجد اباك يقول لأخيك الصغير " تعلم من اخيك فلان ، و انظر كيف هو ناجح و محبوب و لا يخطئ في شئ .
حينما تكون ناجحاً و متفوقاً ، و تأخذ حق الله من نفسك ، قبل أن تأخذه من غيرك ، حينئذ تكون موفقاً أيضاً في خدمتك لأسرتك .
لأنك ستكون إنساناً متوشحاً بالفضيلة ، و لست مجرد متحد عن الفضيلة . و سوف تكون درساً لغيرك ، حتى لو كنت صامتاً لم تتحدث ...
9- يمكنك بعد كل هذا أن تلقي كلمة الله .
ابدأ بأخوتك الصغار . إنهم يحبون الحكايات و سيحبونك جداً إن سمعوا منك حكايات ، من الكتاب ، من سير القديسين ، من قصص الحيوانات ، من أخبار التاريخ ... و أيضاً هم يحبون الأناشيد . علمهم تراتيل و ألحاناً . حفظهم أيضاً آيات منن الكتاب ، و قدر لهم مسابقات و ألغازاً ... و سوف يكونون فصلاً خاصاً لك . حتى لو بدأت بطفل واحد ، ثم جر وراءه أطفالاً من فروع الأسرة ن أو من أصدقائها و جيرانها . و سيأتي وقت تحب والدتك أن تسمع حكايتك ، منهم أو منك . و كذلك والدك ... و يمكن أن تكون الحكايات أثناء الجلوس علي المادئة ، أو في حجرة المعيشة ، مقدمة للأطفال ، و سيسمعها الكبار معهم ، بطريق غير مباشرة .
10- العبادة في محيط العائلة :
يمكن للأسرة المتدينة ، أن يكون لها عبادة مشتركة ، بصفة عامة أو جزئية ... إنه موضوع يحتاج إلي مقال خاص .
نصائح لخدمة اسرتك
1-لا تكن عثرة للأسرة بل اجعلهم يحبون التدين في شخصك .و يحترمون اسلوبك في الحياة .
2-كن لطيفاً في ما تقدمه من نصائح .و ابعد عن روح الكبرياء و التسلط . بل احترم الكل .
3- لا تحاول أن تفرض عليهم جوا من الخشوع الإجباري ، أو جواً من التزمت و التضييق .
4- كن حكيماً في أصوامك ، و لا تسبب قلقاً للأسرة . و لا تجعلها تشكو خوفاً عليك ، فينكشف صومك خارج الأسرة .
5- كذلك كن حكيماً في عبادتك و خدمتك ، و لا تدعها تؤثر علي حياتك الدراسية ،و لا علي مسئولياتك العائلية .
العجيب أن كثيراً من الخدام عندهم إزدواج في الشخصية :
فهم في محيط الخدمة بطريقة ، و داخل الأسرة بطريقة أخرى عكسية
في مدارس الأحد : ملاك طاهر ، إنسان لطيف ، بألفاظ كلها إتضاع ورقة ، كأن يقول " صلوا من أجلي ، أنا الخاطئ ، أنا الضعيف ، غير المستحق " ... أما داخل الأسرة ، فهذا الخاطئ غير المستحق يبدو علي حقيقته ، الغضب و العنف ، و ربما الإنتهار و الشتيمة و الضرب ....! لذلك فالشخص الذي يرشح للكهنوت من الخدام ، لا تكفي فكرة زملائه الخدام عنه ، إنما أيضاً رأي أفراد اسرته فيه ... ربما يحاول أن يكون قدوة خارج الأسرة ، و لكنه في أسرته غير ذلك . قد يفتقد و يخدم الكثيرين خارج الأسرة . و لكن لا خدمة له داخل أسرته .
و أحياناً يخدم داخل أسرته ، فيتحول إلي رقيب علي كل أحد ، عنيف في رقابته ، معلم و مؤدب ، يأمر و ينهي ، بطريقة تنفر من الدين .
أتذكر خادماً أيامنا، رأي عند أخته في البيت أدوات مكياج ، فثار عليها ، و شتمها و صفعها علي وجهها ، وألقي بأدوات المكياج من البلكون !! فهل هذا اسلوب روحي في الخدمة ؟! و هل هذه طريقة تجعل اخته تحب التدين ، أو تحترم خدام الكنيسة ... بل لا مانع عند مثل هذا ( الخادم ) من أن ينتهر أباه و أمه ، إن كان تصرف أحدهما لا يعجبه .
فهو إما انه لا يخدم الأسرة ن أو يخدم بكبرياء و عنف .
و قد ينطوي علي نفسه داخل أسرته ، و يشكو من أنه يعثر من الأسرة ، و أنه علي يعثر من الأسرة ، و أنه علي خلاف بينهم في كل المبادئ الروحية . و قد يحدث أن أسرته تمنعه من الخدمة و من الكنيسة ، لأنها تري أن ( تدينه ) قد حوله إلي الصلف و إلي العنف ، و البعد عن المحبة و اللطف ز أو تري أنه قد أهمل دروسه و واجباته بحجة الخدمة و مواعيدها و متطلباته ... بل أن أسرته هي التي تعثر منه و من تصرفاته ! هنا و نسأل – من الناحية الإيجابية – عن كيفية الخدمة داخل الأسرة ...
كيف يخدم
1- بالتعاون مع أهل البيت :
هناك خادم يعطي درساً عن السامري الصالح في مدارس الأحد . و لكنه لا يكون سامرياً صالحاً في بيته . إن الدين ليس مجرد معلومات تلقي علي الناس ، إنما هي حياة نحياها... لذلك كن خدوماً و متعاوناً في البيت . تدخل البيت ، فلا تجد والدتك قد انتهت من تجهيز الطعام بعد ... فلا تغضب و لا تلقي محاضرة في حفظ المواعيد ، إنما أدخل و ساعدها في تجهيزه ، كن معها أيضاً في إعداد المائدة . و إن إنتهيت من تناول طعامك ، فلا تتركهم يحملون بقاياك و يغسلون أطباقك . و إنما اشترك في ذلك . هل الأمر يكلفك بضع دقائق ؟ إنها شئ بسيط تساهم به في مساعدة والدتك و أخواتك . بل تنال بركة دعاء الوالدة و محبتها لك لأنك تساعدها و لا تتركها وحدها .
بعض (الخدام ) لا يكتفون بعدم تعاونهم في خدمة البيت ، بل يحملون أهل البيت ثقلاً في خدمتهم .
يستيقظون من النوم ، و يخرجون إلي العمل ، و يتركون كل شئ مبعثراً في حجرتهم ، لمن يتولي عنهم ترتيبه ! لماذا لا ترتب فراشك حالما تستيقظ من نومك ؟ و لماذا لا ترتب ملابسك و مكتبك قبل أن تخرج من البيت . لماذا تعتبر أن الخدمة هي فقط تحضير الدروس و إلقاؤها . ألست الخدمة هي أيضاً التعاون مع أهل البيت ؟
لماذا لا تتعاون مع أخوتك الصغار في أن تشرح لهم دروسهم .
أو تساعدهم في ما يحتاجون إليه . و هكذا يحبونك و يتعلقون بك .و بهذا الحب يمكنك أن تفيدهم روحياً . لماذا لا تتعلم بعض الهوايات التي تستطيع بها أن تصلح بعض الآلات الكهربية في البيت أو ما يشابهها ، فتساعدهم اقتصاديا بدلاً من إنفاقهم علي ذلك ؟
2- نقطة أخري في خدمتك للبيت هي البشاشة و المحبة .
كن في بيتك بشوشاً ، تشيع جواً من البهجة و الفرح في البيت ، و تجعل الكل يحبونك ، و بخاصة الصغار ، بوجهك البشوش الحلو ،و بابتسامتك اللطيفة ،و ما تقصه علي أخوتك من حكايات و ألغاز ، بمرحك و لطفك ... و لا تكن مثل أولئك الذين لا يحفظون من بستان الرهبان غير عبارة " ادخل إلي قلايتك و ابك علي خطاياك " ، و لا يحفظون من الكتاب المقدس سوي قول الحكيم " بكاَبة الوجه يصلح القلب " ( جا 7 : 3 ) .و هؤلاء يكتفون فقط بحياة التجهم و الكاَبة و التزمت و البكاء ، بل يريدون أن يكون كل أهل البيت مثلهم مكتئبين !!
و يشيعون أن الضحك خطية ! و يلومون كل من يضحك !
و إن ضحك أهل البيت ن يعتبرون هذا منهم إنحلالاً !! و ينسون قول الكتاب " و للضحك وقت " ( جا 3 : 4 ) ، و قول الكتاب " افرحوا في الرب كل حين ، و أقول ايضا افرحوا " ( في 4 : 4 ) . و إن من ثمار الروح " محبة فرح سلام " ( غل 5 : 22 ) . إن القديس أرسانيوس أشتهر بالدموع ، و لكنه أمام الناس كان بشوشاً . فلا تجعل أهل بيتك يتصورون أن كل من يدخل في الحياة الدينية ، تتحول حياته إلي كاَبة ، لئلا يخافوا من التدين بسببك !! بل إعطهم فكرة عن البشاشة الروحية و سلام القلب !!
3-نقطة ثالثة في خدمتك للأسرة هي إحترامك للكل .
احترس من أن يكبر قلبك بسبب تدينك ن فتحتقر الآخرين أو تدينهم ، أو أن تكلمهم من فوق ...! لأن كثيرين حينما دخلوا إلي محيط الخدمة ، وضعوا في ذهنهم لافتة مكتوب عليها " عظ ، وبخ ، انتهر " ( 2 تي 4 : 2 ) . و بهذا الإنتهار أصبح أهل البيت يحترسون من ألفاظهم القاسية ،و تعبيراتهم الخالية من الإحترام بالنسبة إلي الكبير و الصغير . و ينسون أن هذه العبارة قد ارسلها القديس بولس الرسول إلي تلميذه تيموثاوس الأسقف ، و ذكر له الأسلوب " بكل أناة و تعليم "(2 تي 4 : 2 ).
فهل أنت تقيم نفسك اسقفاً للبيت ، أم أنت مجرد خادماً ؟
و حتي الأسقف لا يكون دائم التوبيخ ، بل قيل له بالنسبة إلي الكبار " لا تنتهر شيخاً ، بل عظه كأب ، و العجائز كأمهات ، و الأحداث كأخوة .." ( 1 تي 5 : 1 ) بل قيل عن الأسقف ايضاً أنه يكون محتشماً حليماً غير مخاصم (1تي 3 : 2 ، 3 ) و لا يكون غضوباً ( تي 1 : 7 ) ...
فلا تجعل محبة الخدمة تخرجك عن فضيلة الأدب و إحترام الغير .
و الرسالة الروحية التي تريد أن تنقلها إلي الآخرين ، قدمها لهم بكل محبة و لطف و إحترام ، و في عفة اللسان ، و بتواضع القلب ... حتي أخوتك الصغار ، إن طلبت منهم طلباً ،و قلت للواحد منهم " عن إذنك .. لو تسمح .. ممكن كذا " .. هو نفسه سيتعلم منك هذا الأسلوب الرقيق ،و يستخدمه في حديثه مع غيره ، و بهذا تكون قد خدمته عن طريق القدوة العملية .
حاول في خدمتك العائلية أن لا تجرح شعور أحد .
و لا تتكلم بكلمة تجرح شعور إنسان . بل إحترم الكل ، فيحترمونك و يتعلموا منك إحترام غيرهم ، و يتعلموا أيضاً اللطف في الحديث ،و ادب التخاطب ، و النصح الهادئ .و إن كانت هناك نصيحة تقدمها لأبيك أو أمك ، أو من في مستواهما ، فاحرص جيداً ألا تتكلم كمعلم ..! احتفظ بتوقير من هو أكبر منك سناً أو مقاماً .
4- يمكنك – بالنسبة إلي الكبار – أن تقدم التعليم غير المباشر .
كأن تحكي قصة هادفة من قصص الآباء ، أو تأملاً في اَية معينة دون أن توجهها إلي أحد معين ، أو خبرة لحكيم ، أو فكاهة لطيفة تؤدي نفس الغرض ، مع حذف كل عبارة موجعة يتصادف وجودها في ما تقصه من القصص . و احذر من أن تجلس إلي أبيك و تقول له " أريد يا بابا أني أكلمك كلمتين من أجل خلاص نفسك ؟ ... كما لو كان خلاص نفسه في خطر ، أو كان هالكاً يحتاج إليك أن تنقذه ... بل يمكن أن تحكي قصة لأخوتك الصغار ، و يسمعها أبوك عفواً أو قصداً ...
5- يجب في خدمتك العائلية أن تتصف بالتواضع و الحكمة .
لا شك أن الحكمة تعلمك التواضع ، و تعلمك الأسلوب المهذب الذي تتكلم به . و لا تظن أنك لكي تصلح الكبار تتجرأ عليهم ، أو لكي تصلح الصغار تتسلط عليهم . و لا تستخدم أسلوباً – فيما تحاول به أن تخلص غيرك – تهلك نفسك . كن صغيراً باستمرار في محيط أسرتك . لا تشعرهم فيما تقدمه من نصائح ، أنك أصبحت أوسع منهم فكراً ، و أكثر معرفة ، أو أنك أكثر منهم روحانية ، و أنفي منهم قلباً ... !
إنك بهذا الأسلوب المتعالي ، تخسر صداقتهم ، و تخسر نفسك .
ماذا تستفيد إن كانت طريقتك في الخدمة قد علمتك السيطرة ،و عودتك علي الغضب و الإنتهار و قساوة القلب ، و أوجدت حاجزاً بينك و بين قلوب الأخرين ؟! تعلم إذن البشاشة و اللطف ، قبل أن تبدأ أية خدمة . و أعرف أن كل نفس حساسة ،و عليك إذن أن تراعي حساسيتها في خدمتك لها .
6- اعرف أن عملك هو الإقناع و ليس الإرغام .
أنت مجرد شاهد للحق ، كما أمرنا الرب قائلاً " تكونون لي شهوداً "(أع 1 :8 ) . أما أن ترغم أهلك و أخوتك علي السلوك السليم ، فليس هذا هو عملك . بل إن الله نفسه قال للشعب " أنظر قد جعلت اليوم قدامك الحياة و الخير ،والموت و الشر .. قد جعلت قدامك الحياة و الموت ، البركة و اللعنة ، فاختر الحياة كي تحيا " (تث 30 : 15 ، 19 ) ،فإن أقنعتهم بالخير ،وفعلوه باختيارهم ، ينالون أجرهم علي ذلك . أما إن فعلوا الخير إضطراراً بضغط منك ، و بدون إقتناع ، فأي أجر ينالونه ؟!
لا تظن خدمتك أن تنصح ، و ترغم ، و يتوبخ ، و تهدد ،و تعاقب .
ليس هذا هو اسلوب خدمة تنخذه مع أخوتك الصغار او أخواتك ، أو مع الكبار بأسلوب اقل . و الإ فسوف تقول الأسرة عنك " ليته ما دخل في محيط الخدمة . لقد كان قبل ذلك أكثر لطفاً و حباً و إحتراماً لغيره ... في خدمتك لا تفقد أحداً حريته ، إنما ساعده أن تتجه حريته نحو الخير ز ساعد أفراد أسرتك أن يحبوا الله . و إن أحبوه سوف يحبون الخير ، و سوف يفعلون الخير تلقائياً ، دون إرغام ، و دون توبيخ .و ستكون إرادتهم قد تظهرت ...
7- و في خدمتك احترس من الحرفية في التعليم .
لا تكن فريسياً في تعليمك ، سواء في داخل البيت أو خارجه . و نذكر بهذه المناسبة موقفك من وسائل الترفيه في داخل الأسرة أو في خارجها . لا موقفاً حرفياً يكون سبب نكد و عكننة علي الأسرة كلها ،و لا موقفاً متسيباً لا قدوة فيه و لا ضوابط . إنما تصرف فحكمة ، بخط واضح سليم بين الخير و الشر ، بحيث تكون مقنعاً ، لا متطرفاً في رأيك ، و لا مستبداً بفكرك بدون إقناع .
من حقهم أن يكون لهم ترفيه . و من واجبهم أن هذا الترفيه يكون نقياً بلا خطأ .
لا تعاملهم كرهبان أو نساك زاهدين . و ايضاً نبههم إلي مواضع الخطأ ن بحكمة و باستمرار اعط صورة مشرقة عن تدينك . لا تقدم لهم الدين كدواء مر يجب عليهم أن يشربوه لكي يشفوا و يصحوا ، إنما قدمه كمتعة روحية لهم . و لا مانع من أن يتدرجوا في ذلك . كما فعل الآباء الرسل مع الداخلين في الإيمان من الأمم ( أع 15 : 28 ، 29 ) . و كما قال القديس بولس الرسول لأهل كورنثوس " سقيتكم لبنا لا طعاما ، لأنكم لم تكونوا بعد تستطيعون " ( 1 كو 3 : 2 ) .
8- قدم لهم في خدمتك ، أنموذجاً بنجاحك في حياتك .
سواء في حياتك الدراسية بتفوقك الذي تفرح به اسرتك ، أو في حياتك الإجتماعية بكونك موضع محبة و ثقة الآخرين ن أو في حياتك الروحية بكونك بلا لوم ، لا يمسك عليك أحد خطأ ، أو في حياتك العملية بصفة عامة . إن رأوك هكذا مثالاً طيباً ، يحترمون حياتك ، و بالتالي يحترمون أيضاً أسلوبك و مبادئك ، فيتخذونك قدوة لهم ز و هكذا تكون قد جذبتهم عملياً غلي طريق الرب الذي احبوه في حياتك . تحبك أسرتك ،و تفتخر بك ،و تقبل كلامك إن تحدثت عن الله . و إن دعوتهم إلي الكنيسة ، يذهبون معك . بل قد تجد اباك يقول لأخيك الصغير " تعلم من اخيك فلان ، و انظر كيف هو ناجح و محبوب و لا يخطئ في شئ .
حينما تكون ناجحاً و متفوقاً ، و تأخذ حق الله من نفسك ، قبل أن تأخذه من غيرك ، حينئذ تكون موفقاً أيضاً في خدمتك لأسرتك .
لأنك ستكون إنساناً متوشحاً بالفضيلة ، و لست مجرد متحد عن الفضيلة . و سوف تكون درساً لغيرك ، حتى لو كنت صامتاً لم تتحدث ...
9- يمكنك بعد كل هذا أن تلقي كلمة الله .
ابدأ بأخوتك الصغار . إنهم يحبون الحكايات و سيحبونك جداً إن سمعوا منك حكايات ، من الكتاب ، من سير القديسين ، من قصص الحيوانات ، من أخبار التاريخ ... و أيضاً هم يحبون الأناشيد . علمهم تراتيل و ألحاناً . حفظهم أيضاً آيات منن الكتاب ، و قدر لهم مسابقات و ألغازاً ... و سوف يكونون فصلاً خاصاً لك . حتى لو بدأت بطفل واحد ، ثم جر وراءه أطفالاً من فروع الأسرة ن أو من أصدقائها و جيرانها . و سيأتي وقت تحب والدتك أن تسمع حكايتك ، منهم أو منك . و كذلك والدك ... و يمكن أن تكون الحكايات أثناء الجلوس علي المادئة ، أو في حجرة المعيشة ، مقدمة للأطفال ، و سيسمعها الكبار معهم ، بطريق غير مباشرة .
10- العبادة في محيط العائلة :
يمكن للأسرة المتدينة ، أن يكون لها عبادة مشتركة ، بصفة عامة أو جزئية ... إنه موضوع يحتاج إلي مقال خاص .
نصائح لخدمة اسرتك
1-لا تكن عثرة للأسرة بل اجعلهم يحبون التدين في شخصك .و يحترمون اسلوبك في الحياة .
2-كن لطيفاً في ما تقدمه من نصائح .و ابعد عن روح الكبرياء و التسلط . بل احترم الكل .
3- لا تحاول أن تفرض عليهم جوا من الخشوع الإجباري ، أو جواً من التزمت و التضييق .
4- كن حكيماً في أصوامك ، و لا تسبب قلقاً للأسرة . و لا تجعلها تشكو خوفاً عليك ، فينكشف صومك خارج الأسرة .
5- كذلك كن حكيماً في عبادتك و خدمتك ، و لا تدعها تؤثر علي حياتك الدراسية ،و لا علي مسئولياتك العائلية .
wageh- المساهمات : 138
تاريخ التسجيل : 27/07/2011
مواضيع مماثلة
» القائد الخادم!!!
» الخادم إنجيل معاش
» رسالة الى زوجة الخادم
» الخادم والعمل الجماعى
» مجالات الشهادة فى حياة الخادم
» الخادم إنجيل معاش
» رسالة الى زوجة الخادم
» الخادم والعمل الجماعى
» مجالات الشهادة فى حياة الخادم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى