الإخوان والسباحة ضد المواطنة!!
صفحة 1 من اصل 1
الإخوان والسباحة ضد المواطنة!!
الإخوان والسباحة ضد المواطنة!!
على الرغم من أن جماعة "الإخوان المسلمون" رفضت المشاركة في مظاهرات 25 يناير 2011 إلا أنها بعد ذلك امتطت الموجة مثل بعض الأحزاب الكرتونية, وظهر بعض أعضاء الجماعة بقوة في وسائل الإعلام, واستمعنا لبعض التصريحات النارية مثل حتمية تطبيق حدود الشريعة الإسلامية وامتلاك الأرض وحتمية تديين المجتمع..الخ, وعلى الرغم من أن أعضاء الجماعة اعتادوا أن يدلوا بتصريحات ثم يتراجعون عنها بعد تصدي الرأي العام لمهاتراتهم, إلا أن وسائل الاتصال الحديثة من إنترنت وفيس بوك وتويتر ويوتيوب تكشف تضارب أفكارهم وتناقض تصريحاتهم في كل يوم.
وبعد أن أصبح لجماعة الإخوان حزب سياسي بعد 25 يناير بدأت الجماعة تعمل بجد واجتهاد لاستقطاب المسيحيين ليكونوا في صفهم, فتحدث أعضاء الجماعة عن المواطنة وترددت أنباء عن لقاء مرتقب بين البابا والمرشد, وعلى المستوى الشخصي فلقد تلقيت عدة دعوات من مكتب المرشد إما لحضور افتتاح مبنى الجماعة الفخم والضخم بالمقطم والذي تعلوه السيوف– أقصد شعار الجماعة- وإما لحضور إفطار رمضاني سيقام في أحد الفنادق الكبرى بالعاصمة, وإما لحضور احتفالية ضخمة سيقيمها حزب العدالة والحرية, وعلى الرغم من دعوتي لقبول الآخر أياً كان لونه أو جنسه أو دينه إلا أنني أعترف بأنني لم أشارك في أي من هذه اللقاءات, لا لشيء إلا لموقف جماعة الإخوان المسلمين من المواطنة.
إن المواطنة بمفهومها الحديث وضعت أسسها الثورة الفرنسية, فقبل الثورة الفرنسية 1789 كانت صفة المواطنة أي الجنسية لا تمنح إلا للكاثوليك ما كان يحرم البروتستانت واليهود من المواطنة, لكن الثورة اكتسحت كل هذه الأفكار البالية وأكدت على المساواة الكاملة بغض النظر عن الدين والجنس والعرق, فالمادة 16من إعلان حقوق الإنسان والمواطن (1793) تنص: "إن على القانون أن يتعامل بمساواة كاملة مع الجميع", وقبلها بأربع سنوات كان الإعلان الذي يؤكد "البشر يولدون ويظلون أحراراً ومتساويين في الحقوق". وكانت الثورة الفرنسية قد لخصت كل توجهها في مسألة المواطنة في ثلاث كلمات هي: حرية- إخاء- مساواة, والمساواة ليست فقط بين أبناء الوطن الفرنسي وإنما بين كل السكان أياً كان بلدهم الأصلي، فثمة نص في الإعلان يقول: "كل إنسان ولد وسكن في فرنسا له ذات حقوق المواطن الفرنسي". ورفضت آليات الثورة الفرنسية اعتبار "الدين" أحد معايير المواطنة, فالجميع وبغض النظر عن العقيدة الدينية يتساوون في الحقوق, فإعلان حقوق الإنسان (1789) ينص: "أن المساواة تفرضها الطبيعة", ويمكن القول إن فكرة المواطنة الغربية قد لخصها كلولوفور في قوله: "لا يوجد إنسان واحد فائض عن الحاجة" فالوطن يضم الجميع ويحتاج الجميع والمواطنة في المفهوم الأمريكي تتسع لتضمن حقوقاً متساوية لمهاجرين أتوا في مجموعات كبيرة من عديد من البلدان, هذا فضلاً عن أنه صدر حكم شهير من محكمة عليا عام 1967 مضمونه أنه لا يجوز سحب الجنسية من مواطن أمريكي إلا بإرادته الحرة, وأساس المواطنة هو قيام دولة ذات قوانين وممارسات عادلة ويخضع لها الجميع على قدم المساواة.
وفي مطلع القرن العشرين ظهرت بعض الأفكار في مصر التي دعت للعودة لدولة الخلافة وهاجمت مبدأ المواطنة وأنه لا وطنية في الإسلام, وأن ضياع الخلافة ضياع للذات, وهذه الأفكار هي ذات الأفكار التي رددها الأستاذ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين عندما قال: "إن كل قطعة أرض ارتفعت فيها راية الإسلام هي وطن لكل مسلم يحتفظ به ويعمل له ويجاهد في سبيله", وهي ذات الأفكار التي جعلت الأستاذ مصطفى مشهور المرشد العام الأسبق يدلي بتصريحات صادمة عام 1997 فى جريدة «الأهرام ويكلى» أعلن فيها أن على المسيحيين أن يدفعوا الجزية بديلاً عن التحاقهم بالجيش، وبعد عقد كامل أعاد الأستاذ صبحى صالح، المحامى وعضو مجلس الشعب السابق فى كتلة الإخوان المسلمون، فى ندوة عقدت بمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان يوم الثلاثاء 12 يونيو 2007، أعاد التأكيد على حديث المرشد الأسبق مصطفى مشهور بأن الأقباط أهل ذمة، يدفعون الجزية ولا يلتحقون بالجيش، بوصف ذلك من صميم العقيدة الإسلامية, وقد كرر الدكتور محمد حبيب كلاماً مشابهاً عن الجزية على إحدى الفضائيات مؤخراً وإن كان قد تكرم مشكوراً وطالب بمسمى آخر غير الجزية!! بس المهم الدفع!! ونفس هذه الأفكار المتعصبة التي تدعو لدولة الخلافة وإنه لا وطنية في الإسلام هي التي جعلت الشيخ عبدالله الخطيب، الشخصية المؤثرة فى الجماعة، يكتب كتابات متشددة ويقترب فى أطروحاته من الجماعات السلفية، وفي هذه الكتابات ينعت المسيحيين بما يخل بوضعهم الاجتماعى والثقافى والسياسى فى المجتمع، وله فى كتابه «فتاوى بين الدين والدنيا» ما يكفى من النظرة الضيقة للمسيحيين، ونفس هذه الأفكار المتطرفة هي التي جعلت الأستاذ مهدي عاكف المرشد السابق يقول صراحة: "طظ في مصر", وإعلانه قبول أن يحكم مصر شخص ماليزي مادام مسلماً, وهي ذات الأفكار التي دفعت نواب جماعة الإخوان المسلمون إلى رفض مادة المواطنة في التعديل الدستوري لأنها ببساطة تقول مجرد قول بالمساواة بين المصريين بغض النظر عن الدين والجنس, بينما فعلياً ترفض الجماعة أن يتولى مسيحي منصب رئيس الجمهورية, وكذلك ترفض قوى التأسلم منح حقوق المرأة كمواطنة فترفض ما تسميه بالولاية الكبرى للمرأة, وترفض تولي المرأة كرسي القضاء, وتؤكد أن منح المرأة حق تولي المسؤولية الأولى في بلد ما هو خروج عن الشرع والشرعية.
ومما يدل على أن جماعة الإخوان تسبح ضد المواطنة هو رأيهم الرسمي بشأن بناء الكنائس, يقول الرأي الرسمي لجماعة الإخوان المسلمون– والرأي هنا ليس قولاً مرسلاً- وإنما هو صادر عن الشيخ محمد عبدالله الخطيب مفتي الجماعة وقت صدور الفتوى ونشر في مجلة الدعوة المجلة الرسمية للجماعة, في إصدارها الثاني والعدد رقم 56 والصادر في شهر ديسمبر عام 1980 فماذا قال مفتي الجماعة رداً على سؤال حول حكم بناء الكنائس في ديار الإسلام من أ- ح – م (ولعله اسم وهمي تحايلت به الجماعة لنشر رأيها في زمن كان مشحوناً بالفتنة وخاصة حول بناء الكنائس, فقال الشيخ الخطيب ما نصه: (إن حكم بناء تلك الأشياء -على حد تعبيره– في ديار الإسلام على ثلاثة أقسام: الأول: بلاد أحدثها المسلمون وأقاموها كالمعادي والعاشر من رمضان وحلوان وهذه البلاد وأمثالها لا يجوز فيها إحداث كنيسة ولا بيعة, والثاني ما فتحه المسلمون من البلاد بالقوة كالإسكندرية وهذه أيضاً لا يجوز بناء هذه (الأشياء) فيها– بل إن الشيخ يؤكد أن بعض العلماء طالب بوجوب الهدم لأنها مملوكة للمسلمين- والقسم الثالث ما فتح صلحاً بين المسلمين وبين سكانه والمختار هو إبقاء ما وجد فيها من كنائس وبيع على ما هي عليه في وقت الفتح على أن يمنع بناء أو إعادة ما تهدم منها).
والمفهوم من هذه الفتوى في غير لبس أن البلاد التي أحدثها المسلمون وأقاموها لا تتسع لغير المسلمين, وهناك سؤال يطرح نفسه: أين يذهب المصري المسيحي المقيم في الإسكندرية عندما تهدم الكنائس هناك بحسب الفتوى؟!!! النتيجة المنطقية أنه سيذهب إلى الأماكن التي يسمح الإخوان ببناء الكنائس فيها, والتنازل الوحيد الذي يقدمه الإخوان هو الإبقاء على ما كان موجوداً من كنائس, ولكنهم يجعلون من هذا التنازل سراباً عندما يمنعون بناء ما تهدم منها ولابد أن الزمن كفيل بتحقيق أغراض الجماعة!! والمحصلة النهائية المستخلصة من فتوى الإخوان هي حتمية غياب الكنائس في ديار الإسلام, ويترتب على ذلك منطقياً أنه لا مكان لغير المسلمين في مصر فالشيخ ينهي فتواه مشدداً بوضوح على أنه لا يجوز إحداث كنيسة في ديار الإسلام.
من كل ما تقدم وغيره الكثير أرى أن جماعة الإخوان المسلمون منذ نشأتها وحتى الآن وهي تسبح بقوة ضد المواطنة, حتى وإن أسمعنا قادة الجماعة معسول الكلام عن حقوق الإنسان, وحتى وإن أطربونا بأجمل قصائد المساواة, وحتى وإن قالوا لنا إننا نحمل الخير للجميع, وحتى وإن أنشأوا حزباً وأسموه حزب العدالة والحرية.
وأعتقد أن من ينضم من المسيحيين لحزب الجماعة هو واحد من ثلاثة, إما باحث عن منصب وشهرة, وإما جاهل بتاريخ الجماعة, وإما أنه هو الآخر يريد السباحة مع الجماعة ضد تيار المواطنة!!
بقي أن أقول إنني مستعد أن أصدق تصريحات أعضاء جماعة الإخوان المسلمون عن المواطنة والمساواة, ومستعد أن ألبي جميع الدعوات التي تقدم لي لحضور مختلف مناسباتهم, بشرط أن يعتذروا اعتذاراً علنياً عن جميع الفتاوى والأحكام التي قيلت ضد المسيحيين وضد المرأة, وحينئذ فقط يمكنني أن أتأكد أنهم مع المساواة ومع المواطنة, وأن اسم حزبهم "العدالة والحرية" هو اسم على مسمى, وأما بخلاف هذا فهم يؤكدون أنهم ضد أن تصبح مصر دولة متقدمة تتبنى قيم الرقي والتقدم والحداثة.
على الرغم من أن جماعة "الإخوان المسلمون" رفضت المشاركة في مظاهرات 25 يناير 2011 إلا أنها بعد ذلك امتطت الموجة مثل بعض الأحزاب الكرتونية, وظهر بعض أعضاء الجماعة بقوة في وسائل الإعلام, واستمعنا لبعض التصريحات النارية مثل حتمية تطبيق حدود الشريعة الإسلامية وامتلاك الأرض وحتمية تديين المجتمع..الخ, وعلى الرغم من أن أعضاء الجماعة اعتادوا أن يدلوا بتصريحات ثم يتراجعون عنها بعد تصدي الرأي العام لمهاتراتهم, إلا أن وسائل الاتصال الحديثة من إنترنت وفيس بوك وتويتر ويوتيوب تكشف تضارب أفكارهم وتناقض تصريحاتهم في كل يوم.
وبعد أن أصبح لجماعة الإخوان حزب سياسي بعد 25 يناير بدأت الجماعة تعمل بجد واجتهاد لاستقطاب المسيحيين ليكونوا في صفهم, فتحدث أعضاء الجماعة عن المواطنة وترددت أنباء عن لقاء مرتقب بين البابا والمرشد, وعلى المستوى الشخصي فلقد تلقيت عدة دعوات من مكتب المرشد إما لحضور افتتاح مبنى الجماعة الفخم والضخم بالمقطم والذي تعلوه السيوف– أقصد شعار الجماعة- وإما لحضور إفطار رمضاني سيقام في أحد الفنادق الكبرى بالعاصمة, وإما لحضور احتفالية ضخمة سيقيمها حزب العدالة والحرية, وعلى الرغم من دعوتي لقبول الآخر أياً كان لونه أو جنسه أو دينه إلا أنني أعترف بأنني لم أشارك في أي من هذه اللقاءات, لا لشيء إلا لموقف جماعة الإخوان المسلمين من المواطنة.
إن المواطنة بمفهومها الحديث وضعت أسسها الثورة الفرنسية, فقبل الثورة الفرنسية 1789 كانت صفة المواطنة أي الجنسية لا تمنح إلا للكاثوليك ما كان يحرم البروتستانت واليهود من المواطنة, لكن الثورة اكتسحت كل هذه الأفكار البالية وأكدت على المساواة الكاملة بغض النظر عن الدين والجنس والعرق, فالمادة 16من إعلان حقوق الإنسان والمواطن (1793) تنص: "إن على القانون أن يتعامل بمساواة كاملة مع الجميع", وقبلها بأربع سنوات كان الإعلان الذي يؤكد "البشر يولدون ويظلون أحراراً ومتساويين في الحقوق". وكانت الثورة الفرنسية قد لخصت كل توجهها في مسألة المواطنة في ثلاث كلمات هي: حرية- إخاء- مساواة, والمساواة ليست فقط بين أبناء الوطن الفرنسي وإنما بين كل السكان أياً كان بلدهم الأصلي، فثمة نص في الإعلان يقول: "كل إنسان ولد وسكن في فرنسا له ذات حقوق المواطن الفرنسي". ورفضت آليات الثورة الفرنسية اعتبار "الدين" أحد معايير المواطنة, فالجميع وبغض النظر عن العقيدة الدينية يتساوون في الحقوق, فإعلان حقوق الإنسان (1789) ينص: "أن المساواة تفرضها الطبيعة", ويمكن القول إن فكرة المواطنة الغربية قد لخصها كلولوفور في قوله: "لا يوجد إنسان واحد فائض عن الحاجة" فالوطن يضم الجميع ويحتاج الجميع والمواطنة في المفهوم الأمريكي تتسع لتضمن حقوقاً متساوية لمهاجرين أتوا في مجموعات كبيرة من عديد من البلدان, هذا فضلاً عن أنه صدر حكم شهير من محكمة عليا عام 1967 مضمونه أنه لا يجوز سحب الجنسية من مواطن أمريكي إلا بإرادته الحرة, وأساس المواطنة هو قيام دولة ذات قوانين وممارسات عادلة ويخضع لها الجميع على قدم المساواة.
وفي مطلع القرن العشرين ظهرت بعض الأفكار في مصر التي دعت للعودة لدولة الخلافة وهاجمت مبدأ المواطنة وأنه لا وطنية في الإسلام, وأن ضياع الخلافة ضياع للذات, وهذه الأفكار هي ذات الأفكار التي رددها الأستاذ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين عندما قال: "إن كل قطعة أرض ارتفعت فيها راية الإسلام هي وطن لكل مسلم يحتفظ به ويعمل له ويجاهد في سبيله", وهي ذات الأفكار التي جعلت الأستاذ مصطفى مشهور المرشد العام الأسبق يدلي بتصريحات صادمة عام 1997 فى جريدة «الأهرام ويكلى» أعلن فيها أن على المسيحيين أن يدفعوا الجزية بديلاً عن التحاقهم بالجيش، وبعد عقد كامل أعاد الأستاذ صبحى صالح، المحامى وعضو مجلس الشعب السابق فى كتلة الإخوان المسلمون، فى ندوة عقدت بمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان يوم الثلاثاء 12 يونيو 2007، أعاد التأكيد على حديث المرشد الأسبق مصطفى مشهور بأن الأقباط أهل ذمة، يدفعون الجزية ولا يلتحقون بالجيش، بوصف ذلك من صميم العقيدة الإسلامية, وقد كرر الدكتور محمد حبيب كلاماً مشابهاً عن الجزية على إحدى الفضائيات مؤخراً وإن كان قد تكرم مشكوراً وطالب بمسمى آخر غير الجزية!! بس المهم الدفع!! ونفس هذه الأفكار المتعصبة التي تدعو لدولة الخلافة وإنه لا وطنية في الإسلام هي التي جعلت الشيخ عبدالله الخطيب، الشخصية المؤثرة فى الجماعة، يكتب كتابات متشددة ويقترب فى أطروحاته من الجماعات السلفية، وفي هذه الكتابات ينعت المسيحيين بما يخل بوضعهم الاجتماعى والثقافى والسياسى فى المجتمع، وله فى كتابه «فتاوى بين الدين والدنيا» ما يكفى من النظرة الضيقة للمسيحيين، ونفس هذه الأفكار المتطرفة هي التي جعلت الأستاذ مهدي عاكف المرشد السابق يقول صراحة: "طظ في مصر", وإعلانه قبول أن يحكم مصر شخص ماليزي مادام مسلماً, وهي ذات الأفكار التي دفعت نواب جماعة الإخوان المسلمون إلى رفض مادة المواطنة في التعديل الدستوري لأنها ببساطة تقول مجرد قول بالمساواة بين المصريين بغض النظر عن الدين والجنس, بينما فعلياً ترفض الجماعة أن يتولى مسيحي منصب رئيس الجمهورية, وكذلك ترفض قوى التأسلم منح حقوق المرأة كمواطنة فترفض ما تسميه بالولاية الكبرى للمرأة, وترفض تولي المرأة كرسي القضاء, وتؤكد أن منح المرأة حق تولي المسؤولية الأولى في بلد ما هو خروج عن الشرع والشرعية.
ومما يدل على أن جماعة الإخوان تسبح ضد المواطنة هو رأيهم الرسمي بشأن بناء الكنائس, يقول الرأي الرسمي لجماعة الإخوان المسلمون– والرأي هنا ليس قولاً مرسلاً- وإنما هو صادر عن الشيخ محمد عبدالله الخطيب مفتي الجماعة وقت صدور الفتوى ونشر في مجلة الدعوة المجلة الرسمية للجماعة, في إصدارها الثاني والعدد رقم 56 والصادر في شهر ديسمبر عام 1980 فماذا قال مفتي الجماعة رداً على سؤال حول حكم بناء الكنائس في ديار الإسلام من أ- ح – م (ولعله اسم وهمي تحايلت به الجماعة لنشر رأيها في زمن كان مشحوناً بالفتنة وخاصة حول بناء الكنائس, فقال الشيخ الخطيب ما نصه: (إن حكم بناء تلك الأشياء -على حد تعبيره– في ديار الإسلام على ثلاثة أقسام: الأول: بلاد أحدثها المسلمون وأقاموها كالمعادي والعاشر من رمضان وحلوان وهذه البلاد وأمثالها لا يجوز فيها إحداث كنيسة ولا بيعة, والثاني ما فتحه المسلمون من البلاد بالقوة كالإسكندرية وهذه أيضاً لا يجوز بناء هذه (الأشياء) فيها– بل إن الشيخ يؤكد أن بعض العلماء طالب بوجوب الهدم لأنها مملوكة للمسلمين- والقسم الثالث ما فتح صلحاً بين المسلمين وبين سكانه والمختار هو إبقاء ما وجد فيها من كنائس وبيع على ما هي عليه في وقت الفتح على أن يمنع بناء أو إعادة ما تهدم منها).
والمفهوم من هذه الفتوى في غير لبس أن البلاد التي أحدثها المسلمون وأقاموها لا تتسع لغير المسلمين, وهناك سؤال يطرح نفسه: أين يذهب المصري المسيحي المقيم في الإسكندرية عندما تهدم الكنائس هناك بحسب الفتوى؟!!! النتيجة المنطقية أنه سيذهب إلى الأماكن التي يسمح الإخوان ببناء الكنائس فيها, والتنازل الوحيد الذي يقدمه الإخوان هو الإبقاء على ما كان موجوداً من كنائس, ولكنهم يجعلون من هذا التنازل سراباً عندما يمنعون بناء ما تهدم منها ولابد أن الزمن كفيل بتحقيق أغراض الجماعة!! والمحصلة النهائية المستخلصة من فتوى الإخوان هي حتمية غياب الكنائس في ديار الإسلام, ويترتب على ذلك منطقياً أنه لا مكان لغير المسلمين في مصر فالشيخ ينهي فتواه مشدداً بوضوح على أنه لا يجوز إحداث كنيسة في ديار الإسلام.
من كل ما تقدم وغيره الكثير أرى أن جماعة الإخوان المسلمون منذ نشأتها وحتى الآن وهي تسبح بقوة ضد المواطنة, حتى وإن أسمعنا قادة الجماعة معسول الكلام عن حقوق الإنسان, وحتى وإن أطربونا بأجمل قصائد المساواة, وحتى وإن قالوا لنا إننا نحمل الخير للجميع, وحتى وإن أنشأوا حزباً وأسموه حزب العدالة والحرية.
وأعتقد أن من ينضم من المسيحيين لحزب الجماعة هو واحد من ثلاثة, إما باحث عن منصب وشهرة, وإما جاهل بتاريخ الجماعة, وإما أنه هو الآخر يريد السباحة مع الجماعة ضد تيار المواطنة!!
بقي أن أقول إنني مستعد أن أصدق تصريحات أعضاء جماعة الإخوان المسلمون عن المواطنة والمساواة, ومستعد أن ألبي جميع الدعوات التي تقدم لي لحضور مختلف مناسباتهم, بشرط أن يعتذروا اعتذاراً علنياً عن جميع الفتاوى والأحكام التي قيلت ضد المسيحيين وضد المرأة, وحينئذ فقط يمكنني أن أتأكد أنهم مع المساواة ومع المواطنة, وأن اسم حزبهم "العدالة والحرية" هو اسم على مسمى, وأما بخلاف هذا فهم يؤكدون أنهم ضد أن تصبح مصر دولة متقدمة تتبنى قيم الرقي والتقدم والحداثة.
السباحة ضد العقل
شكرا علي هذا السرد التاريخي المسهب في التعريف بالبعض من مواقف الإخوان و إلقاء الضوء علي تقلباتهم و تلونهم بمقتضي الظرف - دون التقيد بالمبدأ - و كيف أن المسيحيين الذين يسعون للإنضمام لجماعتهم أو حزبهم و تلمعيهم أمام العامة تصنفونهم بأحد ثلاثة أصناف كلها قد حادت عن الصواب و حسن التصرف. هل بعد كل هذا التحقيق الواضح، تختمون مقالكم بتصريح فيه الكثير من اللبس و عدم المنطق و القبول بنتائج مخالفة لكل المقدمات و الأسباب التي أنتم فطنتم إليها، بما يفيد أن الطعم الذي تلومون البسطاء - من المزعومين مفكرين و الأكثر منهم بساطة – بإبتلاعه فأراكم علي وشك إبتلاعه و تجرون معكم من قد يقتنع برأيكم ثقة في شخصكم و حسن تدبيركم. هل لم يفتكم أسلوب التقية الذي يمكن إتباعه ممن يحمل فكرهم بمعني التصريح لكم بما تريدون سماعه ثم التنصل منه لاحقا تحت مسميات لا أول لها و لا آخر، والسوابق غير خافية بالذات الآن في ظل المعلومات المتاحة علي الهواء. تذكرونني بالقول الشائع حين قالوا للسارق "إحلف أنك لم تسرق فنصدقك" فتنفس عميقا قائلا في نفسه "جالك الفرج". مع إحترامي لشخصكم و مواقفكم، أتمني لكم دوام الثبات علي المبدأ و الحكمة في القول بالفم أو بالقلم، و كذا في الفعل فتحافظون علي قدوتكم للجميع. و الرب يبارككــــم. مفيد صموئيل واصف 22/08/2011
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى