دعونا نضرم ثورة داخل الكنيسة!! (1)
صفحة 1 من اصل 1
دعونا نضرم ثورة داخل الكنيسة!! (1)
أتتني ردود أفعال كثيرة ومتنوعة لما كتبت في مقالي السابق حول البلطجة وفرض الرأي سواء كان داخل الكنيسة أو المجتمعات الكنسية أو خارجها، ومع أن المعظم ممن تواصلوا معي كانوا قد وافقوا على ما قلته وأثنوا على ما كنت قد كتبت وأقروا بصدقه، إلا أنني- من الطبيعي- ألا أدعي لنفسي أي فخر أو زهو إذ إنني لم أكن سوى قارئ للأحداث ولست- على أي حال- مؤثراً عليها أو فاعلاً فيها. واليوم الجمعة الموافق الثامن من يوليو وهو ما اصطلح على تسميته: "جمعة التطهير" كما اصطلحت معظم القوى السياسية المشاركة على تسميتها مع أن كثيرين آخرين أطلقوا عليها أسماء كثيرة متنوعة ومتعددة كل على حسب هواه كما هو الشائع في هذه الأيام مثل "جمعة الحسم" أو "جمعة الحساب" أو"جمعة الثورة أولاً" أو... وها أنا أشرع الآن في كتابة مقالتي هذه صباحاً بينما أتابع كيف يتوافد الآلاف تباعاً نحو ميدان التحرير للتظاهر، يحدوهم أمل واحد في المشاركة والتعبير عن الرأي من أجل أن يزيل الله تلك الغمة التي طالت عن مصرنا الحبيبة! أكتب وأنا الآخر أنتظر وأرقب من بعيد- مثل الكثيرين غيري- أن المجتمع والكنيسة كلاهما يحتاج ثورة من التطهير حتى تستطيع أن تقوم بمسؤوليتها وتؤدي دورها في تقديم رسالة المسيح الحقيقية لمجتمع هو في أشد الحاجة إليها، في نقاوة تامة بعيداً عن أي هوى أو مصلحة شخصية أو تخليص حسابات أو فساد ومحسوبية ومجاملات ونفاق من هذا النوع الذي استشرى حولنا كالوباء حالياً من كل صوب وحدب فأصابنا جميعاً بما نحن نعاني منه الآن وجعل الحق ابتعد عنا وولى.
وأنا في هذا الصدد تحضرني آية (أو للدقة موضع كتابي) وقصة أود أن أشاركك بهما صديقي القارئ لعلك تتشجع معي للصلاة وعمل أي شيء بمقدورك في مجتمعك أو كنيستك أو في المجتمع الذي أنت توجد فيه.
ولما كانت المساحة المتاحة في جريدتنا العظيمة لن تسمح بأي حال أن أشاركك صديقي القارئ بالأمرين معاً (النص الكتابي والقصة) فإنني أستسمحك أن أبدأ أولاً بالنص الكتابي، ثم في مقالتي القادمة إن شاء الله أشاركك بتلك القصة الرائعة التي أود أن أشاركك بها.
في النص الكتابي الذي أود أن أشاركك به، يتجاوب الرب مع صلاة من أعمق ما سجله لنا الوحي المقدس كرد من الله على صلاة إنسان، في مناسبة من أروع المناسبات الكتابية. أما النص الكتابي فقد سجله لنا الوحي المقدس في سفر أخبار الأيام الثاني والأصحاح السابع والعددين الرابع عشر والخامس عشر. كانت المناسبة هي تدشين الملك سليمان للهيكل وصلاته بلجاجة للرب كي يصفح عن الشعب إن هو أخطأ ثم أتى ليطلب وجه الرب في الهيكل (في الكنيسة في يومنا الحالي). وكان رد الرب وعداً رائعاً وقاطعاً ومشروطاً! اسمع ما يقوله الرب رداً على صلاة سليمان: "... فإذا تواضع شعبي الذين دعي اسمي عليهم وصلوا وطلبوا وجهي ورجعوا عن طرقهم الردية فإنني أسمع من السماء وأغفر خطيتهم وأبرئ أرضهم. الآن عيناي تكونان مفتوحتين وأذناي مصغيتين إلى صلاة هذا المكان" (2 أخ 7: 14)
ما الذي يقدمه الوحي المقدس لنا في هذا الجزء؟ في عجالة أقول:
ـ إنه يقدم لنا ملكاً (قائداً وراعياً في مفهومنا المعاصر) يصلي ويتشفع لأجل شعبه وأمته (وياليت خدامنا وقادتنا ورعاتنا يلتفتون جيداً لهذا العمل الهام والمحوري).
ـ كما يقدم لنا أيضاً دعوة صالحة ونافعة لكل العصور والأزمان من أجل أن يتضع شعب الرب، ويراجع ويقيم حياته وتوجهاته سواء كفرد أو كجماعة (مز 139 : 23، 24). وهي نفسها دعوة الرب لنا في هذه الأيام كي نفحص قلوبنا وننقي طرقنا وسبلنا ونعود إلى الرب منسحقين حتى يرحمنا ويطهرنا من خطايانا.
ـ وهذه الدعوة لا تستند على فحص النفس فقط، إنما هي تستلزم أيضاً شرطاً غاية في الأهمية ألا وهو التجاوب الفعلي والعملي معها، وذلك لا يمكن حدوثه إلا عن طريق التوبة وتغيير الاتجاه والمسار. فلن ينفعنا فحص النفس شيئاً إن كنا بعده لا نغير سلوكياتنا وتوجهاتنا، ويرجع كل منا عن طريقه الردية إلى الرب، ثم نتحد جميعنا في عملها معاً بعدها.
ـ وهذه الدعوة متوافقة مع البركة، فبدونها لن تعود البركة لحياتنا ولمجتمعنا. وهذا أمر صحيح ومنطقي ومتسلسل. والتشديد على هذا لهو أمر مهم جداً، إذ إننا اعتدنا كثيراً أن نطالب بالوعود والبركات من دون أن نتمم دورنا ولا أن نقوم بمسؤوليتنا! فالوعد هنا مشروط ومحدد: "إذا تواضع.... وصلوا وطلبوا وجهي، ورجعوا عن طرقهم الردية، فإني أسمع... وأغفر... وأبرئ".
ليتنا إذاً نتجاوب ونعمل شيئاً ولا نقف كالمتفرجين ننتظر بركة من دون أن نكون مستعدين لها...
......................................................................
إن الثورة التي نود أن نضرمها في حياتنا إذاً كأفراد وكنيسة إنما هي ثورة تصحيح وتوبة ورجوع ورد سبي وعودة حقيقية للرب. وهي على أي حال أمر مكلف لكنه ضروري ولازم إن نحن أردنا أن يباركنا الرب، فهل ترانا نفعل؟!
في مقالي القادم بمشيئة الرب سأشاركك بقصة رائعة عن أناس فعلوا، وماذا كانت النتيجة؟ وكيف أثرت أمانتهم على أنفسهم وبيوتهم وكنيستهم ومجتمعهم؟ فإلى المقالة المقبلة أتركك عزيزي القارئ في رعاية الرب وليدم لك سلام القدير. آمين.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى