مسلم أو مسيحي من حق الكل يحلم

مسلم أو مسيحي من حق الكل يحلم
أ/ وجيه نبيل فرحان

ما أكثر الشعارات التي رددت في المظاهرات المليونية في ميدان التحرير وفي كل مكان في مصر ، وبغض النظر عن ألفاظها أو دوافعها فقد كانت كلها شعارات تدفع نحو الحرية ، الحق الأصيل لكل مواطن في مصر . ولقد لفت إنتباهي واحد من هذه الشعارات الذي هز وجداني من الداخل عندما ردد الكثيرون معاً (مسيحي أو مسلم من حق الكل يحلم) ، لم تكن مظاهرة من جماعة من مسيحيي مصر بل كانت مظاهرة من جماعة كل المصريين بمختلف دياناتهم وثقافاتهم . ما أجمل هذا الشعار الذي عبر عن اشتياقات الإنسانية الأصيل في الحلم بل في تحقيق الحرية الكاملة هو واحد من أحلامي الذي أحلم به من زمن وأنا أشعر الآن في هذا الجو الجميل من إعلان ثورة الحرية أنني يجب أن أشاركه بلدي الغالي العزيز مصر وأشارك به كل من يحلمون معي ، كما أشارك به اللجنة الدستورية العليا التي تعمل الآن على تعديل الدستور بما يكفل حرية كل مواطن على أرض الكنانة مصر الغالية .
أحلم أن تكون بلدي مصر وطن كل المصريين ، بمختلف دياناتهم واعتقاداتهم وأن يترك الدين والاعتقاد الشخصي لكل مواطن كعلاقة خاصة بينه وبين الله.
وهذا الحلم ليس حلماً جديداً ولا غريباً ولا عسيراً على التحقيق فمنذ زمن بعيد ونحن نردد في شعاراتنا: "الدين لله والوطن للجميع"
لكن ما أحلم به الآن أن يتحول هذا الشعار إلى حقيقة . أحلم أن تكون بطاقتي بهوية واحدة هي هوية وطني مصر يكتب فيها فقط مصري ، وتترك الهويات الشخصية مثل الدين لعلافتي مع الله.
كم يراودني هذا الحلم وأشعر أنه قريب جداً منا في هذه الأيام ، فالحلم لم يعد حلمي أنا فقط ولكنه حلم الكثيرين بل أستطيع أن أقول أنه الآن حلم كل المصريين . ولكي يخرج هذا الحلم إلى النور ويتحقق ، على اللجنة الدستورية أيضاً تعديل المادة الثانية من الدستور والتي مضمونها (الإسلام دين الدولة ، واللغة العربية هي لغتها الرسمية . ومبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع) فهذه المادة الدستورية في رأيي تهضم حق كل مواطن غير مسلم في مصر وعددهم يزيد عن العشرة ملايين إن لم يكن أكثر ، وناهيك عن انها تهضم حق كل هؤلاء في المواطنة فهي أيضاً تهضم حق كل المصريين في الإحتفاظ بهويتهم الدينية كشئ أصيل يتعلق بالعلاقة مع الله .
إنني أخاطب كل المصريين الوطنيين العقلاء أن لا يتركوا هذا الحلم يتحول إلى مجرد وهم خاصة وإن كنا نعلي الشعارات كل يوم ونؤكد على الحرية التي يجب أن يعيشها الكل دون تمييزاً أو محاباة ، فإذا كنا نادينا بتغيير بعض المواد الدستورية التي تقيد حرية بعض المفكرين للتعبير عن رأيهم بكل وضوح دون أن يسجنوا أو يعتقلوا ، فلماذا لا نطالب بتعديل مادة أخرى تقيد حرية الكل في التعبير عن علاقتهم الأصلية مع الله بكل وضوح مؤكدين أن حرية الدين والاعتقاد الشخصي هي حرية كاملة لا يحكم فيها الدستور والقانون فهي متروكة لكل مواطن . في رأيي أن الدستور والقانون يجب أن يحكم فقط في سلوكياتي التي تضر بمصالح الوطن أو المواطنين وهذا ما تنظمه المبادئ الإنسانية والحقوق المتفق عليها ، فالمبادئ الإنسانية تتفق عليها كل الأديان وليس دين واحد .
من هذا أتجرأ وأقترح تعديل هذه أيضاً حتى لا يعطي الدستور المجال لأي شخص أيا كان أن يعود بنا إلى الوراء من جديد بعد ما حققت ثورة 25 يناير بشبابها الرائع الباسل والوطني كل هذه الإنجازات الرائعة . ويمكن تعديل المادة لتكون على سبيل الإقتراح كالآتي (اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة . والمبادئ والحقوق الإنسانية المتفق عليها من الديانات السماوية والتي تكفل حرية وخير الوطن هي المصدر الأساسي للتشريع).
إلى الشباب الأحباء العظماء ومن حملوا على عاتقهم عبء الثورة ضد الظلم وضحوا بالغالي والنفيس في سبيل حرية مصرنا الغالية وحرية كل مواطن يعيش على أرضها . نحن معكم بكل طاقتنا نذكر أولاً فضلكم الذي لن ينساه التاريخ كله بل وسيسجله تاريخاً عبقاً جميلاً مشرفاً يسعد كل من يقرأه ويفخر به كل من ينتمي إليه ، تحية التقدير والتكريم والإجلال إلى جميعكم وإلى كل شهيد روى بدماه عطش الحرية وضحى بنفسه في سبيل إعلاء قيمتها ، واثقاً أنكم ستواصلون مسيرة الحرية بتحقيق هذا الحلم الذي سيحطم كل معنى من معاني التعصب والإرهاب يحاول أن يصيب بلدنا الغالي.
إلى جيشنا الذي عرف دائماً بجيش المبادئ الحرة والذي نفخر به فخراً لا حدود له فهو جيش الحرب والسلام لتحقيق كل المبادئ الإنسانية الرائعة . وهو فوق الكل الجيش الذي حمى ثورتنا البيضاء ثورة التحرير يوم 25 يناير والذي يقود بلادنا في هذه المرحلة التاريخية الصعبة بكل جسارة ومهارة وحكمة واتقان ، نثق أنكم ستفكرون جادين في تحويل حلم حريتنا كمصريين إلى حقيقة.